التفضيل بين العرب المضرية، والعرب اليمنية
ونجد أن العلماء كشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، وقبله ابن حزم اضطروا إلى أن يتكلموا في مسألة: العرب اليمنية والعرب المضرية، أو: القحطانية والعدنانية، فقد صارت مسألة مشكلة عند المؤرخين والعلماء، ويسأل الفقهاء والمتكلمون في الأنساب: أيهما أفضل؟ وللفائدة: لولا العصبية، ولولا النعرات الجاهلية فلا شك أن الفرد في ذاته يفضل ويكرم بالتقوى؛ فكون هذا الفرد ينتمي إلى الفاضل أو المفضول لا إشكال في ذلك، لكن هم أرادوا ترسيخ هذه الفرقة، ومن حيث المجموع لو أردنا أن نعرف حكم الشرع أيهما أفضل؟ فقد ذكر الإمام ابن حزم قاعدة جيدة في هذا، وذلك من إنصافه رحمه الله، وجاء بذلك في الأندلس وهذه العصبية على أشدها هناك. فقال -ومع أنه هو من العرب اليمنية-: إلا أن العرب العدنانية أفضل في الجاهلية، وأفضل في الإسلام، فأما في الإسلام: فالعرب العدنانية منهم المهاجرون، والعرب اليمنية منهم الأنصار، والمهاجرون أفضل، فـأبو بكر و عمر و عثمان و علي كلهم من المهاجرين، ومن العرب المضرية، والنبي صلى الله عليه وسلم -وهو أفضل الخلق كلهم- هو من مضر.وأما في الجاهلية.. فأخذ يعدد الشعراء، والأدباء، والملوك مما يدل على أن عرب الشمال أفضل.وقد تكلم العلماء في هذه المسألة حتى يحلوا هذه المشكلة، وصارت قضية؛ مع أنها ليس لها كبير أهمية إلا من باب معرفة الفضائل أو المناقب، لكن إذا أدى ذلك إلى التعصب الجاهلي فإنه لا يزول بأي حال من الأحوال، بل هو من أمور الجاهلية التي أخبر عنها النبي صلى الله عليه وسلم.